كيف أُنمي الحب والاحترام بين أطفالي؟
كيف أُنمي الحب والاحترام بين أطفالي؟
إنَّ من أخص العلاقات وأوثقها رباطًا: علاقة الأخ بأخيه (*) داخل الأسرة الواحدة,
لكنها تتوتر وتتنافر في بعض الحالات، ويصبح بين الإخوة حواجز فولاذية فينقطع الاتصال,
ويتراكم الجليد، وتبرد المشاعر، وتختفي معاني الأخوَّة والتصافي بينهم, وقد لا يظهر
هذا التباعد والتنازع إلا في الكِبر، بعد أن يذهب كل أخٍ إلى بيت مستقل؛ ليكوِّن أسرة
جديدة, ولكن بذور هذا التباعد: قد غُرست منذ الصغر؛ لذا يجب على الآباء الحرص على
زرع وتنمية المحبة والاحترام بين أطفالهم في الصِّغَر.
أساليب ووسائل تنمية الحب والاحترام بين الأطفال
احترام الخصوصية:
أيها المربي؛ احترم خصوصية أطفالك، واستأذن برفق وأدب إذا أردت الدخول عليهم, وعلِّمهم
احترام خصوصية بعضهم، فلا يدخل أحدهم غرفة نوم أخيه إلا بعد الاستئذان, وكذلك الاستئذان
في أخذ الأغراض الشخصية والمحافظة عليها.
احترام المشاعر:
شجع أطفالك على مراعاة مشاعر إخوتهم, فإذا رأوا أحد الإخوة مهمومًا، أو يتصرف بغضب,
فعليهم آلا يضايقوه, ولا يسخروا منه, بل يواسوه. وإن كان باستطاعتهم فعل شيء لمساعدته:
فلا يتأخروا عن ذلك, ولو تفتعل الأم بعض مواقف الحزن وتبدو مهمومة, ويطلب الأب من أطفاله
مساعدة أمهم والتخفيف عنها, ومن ثم تُظهر الأم سرورها بمساعدة أطفالها وتشكرهم.
يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ
مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”(رواه ابن ماجه وغيره، وحسنه الألباني).
فن الاعتذار:
علِّم طفلك كيف يعتذر داخل البيت أو خارجه, وعلِّمه كيف يقول: آسف, اجعله ينظر للشخص
في عينه ويقول: (أنا آسف). بعض الكبار يجد صعوبة في الاعتذار؛ لأنه لم يتعود من صغره على
ذلك, وإذا أخبرك طفلك بأنه أساء لصديقه أو معلمه في المدرسة: فشجعه على أن يذهب إليه
ويعتذر ويقول: (آسف).
رسائل الشكر:
كتابة رسالة قصيرة بخط اليد، أو عن طريق وسائل التقنية، يقول فيها الأخ لأخيه: شكرًا لأنك
وقفت بجانبي أو ساعدتني في… أو توجيه حديث مباشر. كل ذلك له أثر في جمع القلوب،
وزيادة الألفة والمحبة بين الإخوة.
السلام بحب، والوداع بحب:
علِّم أطفالك منذ الصغر: كيف يتصافحون بشكل سليم, فيتعلمون أهمية الابتسامة أثناء المصافحة,
والتعبير عن المشاعر والاهتمام, وقد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:
“مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ: إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا” قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا).
(رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني).
زيادة الإيمان تَزيد في محبة الإخوة لبعضهم:
إن صُحبة الإيمان والاشتراك في العبادة: تُوحِّد القلوب، وتقوي رباط أخوَّة النسب, ومن الأدلة
على ذلك أنه لما أتت عبدَالله بنَ مسعود وفاةُ أخيه عتبة, بكى, فقيل له: أتبكي؟ قال: كان
أخي في النسب وصاحبي مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, وما أحب مع ذلك أني
كنت قبله, فإن يموت فاحتسبه أحب إليَّ من أن أموت فيحتسبني.[حلية الأولياء :4/253].
وعن أبي علي اليزدي يقول: “كنت أنا وأخي نحيي الليل كله, أقعد أنا من أول الليل
أنسخ شيئًا أو أطالع في شيء, وينام هو إلى أن يضرب طبل نصف الليل, ويقوم
أخي نصف الليل ويصلي إلى الصبح وأنام أنا” [الوافي بالوفيات : 12/200].
افتح حسابًا في بنك العواطف الأخوية:
اصنع صندوقًا تسميه بنك العواطف الأسرية, دع أبناءك يُزيِّنونه, وضعه في مكان واضح ومتاح
للجميع, واستخدم بطاقات صغيرة، واصنع منها قسائم إيداع, اعط لكل ابن من أبنائك قسائم
إيداع بلون مختلف, وشجعهم على الإيداع في حسابات أعضاء الأسرة طوال الأسبوع, فمن
يصنع له أخوه معروفًا: يكتبه في قسيمة إيداع ويضعه في الصندوق, وخصِّص وقتًا لفتح الصندوق
وحساب رصيد كل فرد من أفراد الأسرة, والتكريم يكون لأعلى الأرصدة، ثم الذي يليه, وهكذا.
عندما يضع أفراد الأسرة بنك العواطف في قلوبهم وعقولهم, ستصبح تفاعلاتهم اليومية فرصًا حقيقية لبناء جسور من العلاقات القائمة على الحب والثقة. قال رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ـ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا ـ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَتَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِضًا، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا ، أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ “(رواه الطبراني وحسنه الألباني) (علم ابنك كيف يحب أخاه / عبدالله عبدالمعطي).
ليلة الأسرة:
ما أحسن الأب المربي والأم المربية والأولاد (الأسرة بكاملها) حين يختارون موعدًا أسبوعيًا, ويتوافقون على برنامج مقترح في ذلك الموعد، الذي تجتمع فيه الأسرة, ويكون هذا اللقاء مسليًا ومكتنزًا بالمفيد والجديد, ومفعمًا بالحيوية والنشاط, في جو من الدعابة والمرح وحل المشكلات, بعيدًا عن النقد وإثارة الموضوعات الحساسة التي ربما تسبب نفور أحد أفراد الأسرة.
لن تتخيل أيها المربي مدى التأثير الإيجابي الذي سينعكس على أطفالك ومحبتهم واحترامهم لبعضهم البعض, وستصبح هذه الجلسة الأسبوعية من الذكريات الجميلة لدى كل فرد من أفراد الأسرة فيما بعد.