مغص الرضّع .. أسبابه ووسائل التعامل معه
مغص الرضّع .. أسبابه ووسائل التعامل معه
يعتبر المغص Colic من أشهر الأعراض التي يتعرض لها الطفل الرضيع مكتمل النمو والذي يتمتع بصحة جيدة. وعلى الرغم من وجود نظريات عدة تفسر حدوثه، فإن الأسباب الحقيقية لحدوث المغص في الرضع غير معروفة. وهو يحدث تقريباً بعد مرور أسبوعين من عمر الطفل، وفي الأغلب يختفي هذا العرض بعد مرور 3 او4 أشهر من تلقاء نفسه ولا يؤثر على الرضيع بمعنى أن الطفل الذي يعاني من المغص أثناء الرضاعة لا يعاني من التهاب الأمعاء لاحقاً.
وهذا العرض يحدث للطفل سواء كان يتناول حليباً صناعياً أو يتمتع بالرضاعة الطبيعية. وقد ساد الاعتقاد أن المغص يحدث أكثر في الأطفال الذين يتناولون حليباً صناعياً، لكن جميع الأطفال يتعرضون للمغص. ويحدث المغص في الذكور بنسبة حدوثه نفسها للإناث، ويجب أن تدرك الأم أن المغص ليس مرضاً يصيب الرضيع.
– أسباب وعلامات
ليس هناك سبب محدد للمغص، لكن هناك نظريات عدة ربما تكون مسؤولة عن المغص في الرضع، منها تراكم الغازات في القولون؛ مما يسبب الألم. وفي الأغلب تتراكم هذه الغازات لأن الفم لا يكون محكم الإغلاق حول حلمة الثدي؛ مما يتسبب في دخول بعض الهواء أثناء الرضاعة. والأمر نفسه يحدث في الرضاعة الصناعية، ولتلافي حدوث ذلك دائماً يتم نصح الأم بالتربيت الخفيف على ظهر الطفل بعد الرضاعة لكي تساعده في خروج الهواء أو باستخدام أطراف الأصابع تقوم بالربت الخفيف على البطن بعد الرضاعة.
وهناك بعض النظريات التي تشير إلى أن طبيعة بداية عمل الجهاز الهضمي واستخدام العضلات المبطنة لجدار الأمعاء smooth muscle يشكل عبئاً على الأجهزة الوليدة، ويؤدي إلى تقلص العضلات وحدوث المغص كما أن الجهاز الهضمي غير مكتمل النمو لا يقوم بوظيفة الهضم بشكل كامل؛ مما يؤدي إلى ما يشبه عسر الهضم في البالغين.
أيضاً هناك بعض النظريات التي تشير إلى أن البيئة المحيطة بالطفل تتسبب في إثارة الجهاز العصبي بشكل
كبير. وكلما كانت هذه البيئة صاخبة زاد توتر الطفل وحدوث التقلصات، مثل الأضواء المبهرة والأصوات المركبة
والمتداخلة ذات النبرة العالية وكثرة الأشخاص المحيطين بالطفل.
يعاني الرضع من ارتجاع طبيعي في المعدة Gastrointestinal re flux بسبب أن العضلات التي تتحكم في
المريء والمعدة لا تكون ناضجة تماماً، وبالتالي يتسرب بعض الحامض المعدي إلى المريء، ويتسبب في
حدوث الحموضة، وهناك بعض النظريات التي تشير إلى أن هذا الارتجاع ربما يكون سبباً في حدوث المغص.
من أهم علامات حدوث المغص Colic هو البكاء المستمر من الرضيع لمدة يمكن أن تصل إلى 3 ساعات كاملة.
وفي الأغلب تحدث نوبات البكاء في أوقات المساء، وتكون أكثر حدة من البكاء العادي الذي يلازم الرضع تعبيراً
عن البلل أو الجوع. كما أن البكاء يكون بلا سبب، ويقوم الرضيع بضم رجليه إلى بطنه في محاولة منه لتخفيف
حدة الآلام التي يشعر بها.
كما أن البطن تصبح متقلصة ويحدث احمرار للوجه flushed. ويقوم الطفل بضم قبضة يده، ويحدث بشكل يشبه
المتلازمة الحسابية، بمعنى أن نوبة البكاء تستغرق نحو 3 ساعات في اليوم، والمغص يحدث لمدة 3 أيام في
الأسبوع، ويستمر لفترة نحو 3 أسابيع كل شهر. وبالطبع لا يشترط حدوث هذه المرات على وجه التحديد، لكنها
تحدث في الأغلب.
– العلاج
لا يحتاج مغص الأطفال إلى علاج معين، ويجب على الأم أن تتجنب أدوية المغص العادية التي يتناولها الأطفال
الأكبر عمراً، مثل مضادات التقلصات، وبخاصة أن العرض لا يشكل خطورة على حياة الطفل. وهناك بعض الوسائل
التي يمكن أن تلجأ لها الأم لتخفيف حدة الألم على الرضيع:
– أولى الوسائل، حمل الطفل ومحاولة تهدئته، حيث أثبتت بعض الدراسات أن استجابة الأم السريعة لبكاء الطفل
يمكن أن تلعب دوراً في تخفيف حدة الألم على المدى الطويل على الرضيع.
ويمكن للام أن تقوم بمحاولات لتجنيب الرضيع الأشياء التي يمكن أن تكون السبب في إثارته وشعوره بالمغص،
مثل الأضواء القوية في الغرفة والأصوات المزعجة ويجب أن تكون غرفة الرضيع ذات إضاءة خافتة وهادئة، وبخاصة
أثناء الليل.
– في حالة الرضع الذين يستخدمون الحليب الصناعي يمكن للأم أن تقوم بتجربة نوع آخر من الألبان، حيث إن بعض
التركيبات يمكن أن تتسبب في حدوث مغص لبعض الرضع أكثر من غيرها.
– يمكن للأم أن تقوم بعمل شراب دافئ للرضيع، مثل النعناع من دون إضافة سكر؛ حتى لا يحدث تخمر ويكون
السبب في زيادة غازات بالأمعاء ومزيد من المغص.
– هناك بعض المستحضرات التي تحتوي على أعشاب طبيعية من شأنها أن تساعد في تخفيف حدة التقلصات
الموجودة بالأمعاء، مثل زيت بذور الشبت dill seed oil، ومن أشهر هذه المستحضرات ماء غريب gripe water،
الذي يتم استخدامه في معظم دول العالم، ومعروف بشكل خاص في الدول العربية لسهولة تداول الاسم الأصلي،
وهناك بعض المستحضرات منه تحتوي على سكر وكحول، لكن معظم المستحضرات لا تحتوي على سكر أو كحول.
– هناك بعض الأدوية التي تحتوي على مواد تساعد على تكسير الغازات الموجودة بالأمعاء مثل مادة السيمثيكون simethicone، وبالتالي تريح الرضيع، وتكون على شكل قطارة يتم التقطير بها للرضيع، وقد أوضحت الأكاديمية
الأميركية لطب الأطفال AAP أنها هذه الأدوية آمنة وفاعلة للرضع.