لنيل احترام الآخرين.. إليك كيفية الاعتذار بشكل محترف ومهذب
لنيل احترام الآخرين.. إليك كيفية الاعتذار بشكل محترف ومهذب
القدرة على الاعتذار من حين إلى آخر واحدة من أهم آداب السلوك الاجتماعي. وقد يلازم الاعتذار مشاعر الفشل
والندم وانعدام الثقة والإحساس بالدفاعية والاستياء. بالرغم من هذا، فإن هذه المشاعر ما هي إلا استجابات طبيعية
حين تدرك أنك مُخطئ في موقفٍ بعينه، لذا فإن تعلم كيفية الاعتذار بأدب ورقي هي مهارة يجب أن تكون لدى كل رجل مهذب.
ثمة حقيقة بسيطة يجب أن نتذكرها جميعاً: لا أحد على صواب بنسبة 100% كل الوقت. قد تعتقد أنك على صواب
كل الوقت، ولكن إن كنت تعتقد ذلك، لدي أخبار لك! اعتقادك بأنك على صواب دوماً ليس صحيحاً بكل بساطة. إليك
كيفية الاعتذار بشكل محترف ومهذب؛ بحسب ما نشره موقع Gentleman’s Gazette الأمريكي.
الاعتذار لا يعني أنك ضعيف
يتردد بعض الرجال بشأن الاعتذار حين يُخطئون، لأنهم يعتقدون أنه علامة على الضعف. رغم أن حقيقة الأمر هي
أن عدم الاعتذار أبداً عن أي أمر ليس إلا أسلوباً خاسراً بالنسبة لك، لأنك بعدم الاعتذار أبداً، لن تتجاهل الاحترام
الذي يستحقه الآخرون في حياتك وحسب بتقديم اعتذار لائق، بل سينتهي بك الأمر إلى النتيجة التي تحاول تجنبها،
إذ بعدم الاعتذار أبداً، ستبدو أضعف فعلاً.
الاعتذار ليس علامة على الضعف ولا يعني أنك «أقل»؛ أي أقل ذكاء وأقل كفاءةً وأقل نجاحاً، أو ذو إمكانيات أقل.
ولكن على العكس تماماً في الحقيقة. وإن لم تعتذر عن أي أمر أبداً، يشير ذلك في الواقع إلى هشاشة كبيرة
في الأنا لديك على أن تعترف يوماً ما أنها مُخطئة. بكلمات أخرى، ستبدو منعدم الثقة في نظرك بدلاً من أن تبدو
أقوى في نهاية المطاف.
سيعتقد الآخرون أنك تحاول تجنب الشعور بالذنب بسبب أمر اقترفته، وهو أمر يجب علينا جميعاً أن نخوضه، حتى
ننمو مثل الأشخاص العاديين. بعبارة أخرى، يظهر عدم الاعتذار إلى أحد عن أمر اقترفته، أنك تقدر أَنَاك أكثر من
مشاعر الآخرين. وأن تكون قوياً بهذا الشأن يعني القيام بعمل عاطفي شاق ملازم لأي علاقة وطيدة. وهذا بدوره،
يعني أنك يجب أن تعتذر غالباً وعلى نحو كاف، حين يكون الأمر ضرورياً.
لماذا الاعتذار مفيد لك؟
للاعتذارات الجيدة فوائد عدة فعلاً، أولها أنك ستفهم ما هو مجدٍ أو غير مجدٍ لأي علاقة فهماً عميقاً. وسوف تكون
كذلك قادراً على خلق توازن بين احتياجاتك واحتياجات الآخرين، وتصفية الأجواء في المحن الصعبة عبر تواصل صريح
وصادق. بعد أي اعتذار، سيتمكن كل المنخرطين في الموقف من التعامل مع هذا الموقف المُعين وتجاوزه. وفي نهاية
المطاف، من المرجح أن سوف تتعلم أمراً آخر عن نفسك.
كيف تعتذر كرجل مهذب
أنصت
حين تواجَه بأنك مُخطئ، لا تبدأ ببناء جدار دفاعي، ولكن بدلاً من ذلك، أنصت بصدق إلى الآخر. قد تعتقد أنك لست
بحاجة إلى الاعتذار، لكن الدراسات أظهرت أن كلاً من الرجال والنساء لديهم درجات مختلفة من التسامح تجاه السلوك العدواني، وأن النساء في المتوسط يملن إلى الاعتذار أكثر من الرجال. بعبارة أخرى، الرجال غالباً هم من يقيمون
هذا الجدار الدفاعي ليكون رد فعل أولياً.
واعلم أن مراعاة الحقيقة التي تقول إن لا أحد أبداً سيكون قادراً على مشاركة رؤيتك لموقف ما بنسبة 100%،
لأنهم لا يفكرون كما تفكر، هي من أهم عناصر الإنصات إلى ما يقوله لك الآخر. وبالتأكيد، عكس الوضع صحيح تماماً،
إذ لن تتمكن
أبداً من معرفة ما هي وجهة نظر الآخر. ومع ذلك، من خلال الإنصات والهدوء، ستكون قادراً على فهم أفضل والمضي
قدماً. الأمر الأكثر أهمية هنا هو أن تصل إلى الأسباب الجذرية التي تسببت في الهجوم في المقام الأول.
اعتذر فوراً
لو أصبح من الواضح أنك في الحقيقة الشخص المُخطئ في موقف بعينه، لا تطل الوقت المطلوب حتى تقدم اعتذاراً،
بل من الأفضل أن تعتذر فوراً، بمجرد أن تدرك أنه ضروري. وحين تعتذر إلى أحدهم، تأكد أن الاعتذار شخصياً هو أفضل
أسلوب.
الخيار الأفضل الثاني هو أن تعتذر هاتفياً، والخيار الأفضل الثالث هو التواصل النصي، مثل الرسائل النصية والبريد الإلكتروني. وعلى الرغم من ذلك، لا نوصي أن تستخدم الاعتذار النصي، إلا لو كان الملاذ الأخير تماماً، ولا تمتلك بدائل أخرى. وواحد من أكبر الأسباب لتجنب الاعتذارات النصية، هو أن التعبيرات والفوارق الدقيقة التي تميز الحوارات التي تُجرى وجهاً لوجه قد تضيع عبر النص، ومن ثم نواجه احتمالات أكبر لسوء التفاهم. وبشكل أعم، يزيل الاعتذار النصي شيئاً من صدق الاعتذار، وقد يجده الشخص الآخر ذا قيمة أقل.
الصدق هو المفتاح
فكر في الأمر هكذا: حين يطلب ولي أمر من طفلهِ الاعتذار عن أمر ارتكبه، هذا الاعتذار غالباً لا يصل بصدق كامل، إذ يعتذر هذا الطفل لأنه يعتقد أنه مضطر للاعتذار. وفي نفس السياق، لو أنك تعتذر وحسب لأنك تعتقد أنك مضطر، لن يكون الاعتذار صادقاً ولن يجده الشخص الآخر ذا معنى.
فما هي أفضل طريقة لإيصال الصدق إذن؟ إنها وجهة نظر تتعلق بكيفية صياغة اعتذارك. بعبارة أخرى، يجب أن تركز فقط على ما اقترفته، وعلى التصرفات الخاطئة. فهذا هو الفارق الأساسي بين الاعتذار الصادق مثل: «أعتذر عمّا اقترفته»، وبين الاعتذار الجاف الذي ليس باعتذار: «أعتذر أنك تشعر هكذا». ففي الحالة الثانية، ما يصل للآخر هو أنك لست آسفاً عمّا ارتكبته في حقيقة الأمر، بل تعتقد وحسب أن الآخر كان له رد فعل خاطئاً.
لا تضف أيضاً قيوداً لغوية إلى اعتذارك بأقوال مثل: «أعتذر ولكن..»؛ فإذا حاولت إضافة أمر آخر إلى اعتذارك، سيقلل ذلك من مصداقية اعتذارك، وقد تزيد بهذا من احتمالية أن تلقي اللوم على طرف آخر وهو ما تحاول أن تتجنبه.
ماذا يحدث إذاً حين لا تكون الشخص الوحيد أو الطرف الأوحد الذي أخطأ في موقف بعينه؟ في هذه الحالة، يمكن أن تعترف أن كل ما جرى ليس خطأك وحدك، ورغم ذلك تعتذر. يمكن أن تقول شيئاً من قبيل: «أعتذر عن خطأي في ذلك». بتلك الطريقة، بينما لا تزال تعترف بمسؤوليتك، تنقل رسالة أيضاً أنك لم تُخطئ بمفردك.
تلخيصاً لما سبق، بسِّط الأمر: ابدأ بالاعتذار، ثم اشرح لماذا وكن صادقاً. ولو كنت ترغب، يمكنك أن تضيف ما هي خطتك في المستقبل لتجنب الوقوع في مواقف مماثلة. ومن المرجح أن الطرف الآخر سيقدر جهود اعتذارك الفعال من جانبك.
ماذا بعد الاعتذار؟
يمكن أن يكون تجاوز الأمر بسيطاً، ولكن يمكن أن يكون معقداً في بعض الأحيان. بعض الناس يكنون ضغينة لمدة ما بناءً على ما اقترفته، وبصراحة، هو من حقهم على الأقل، لو كنت تجاوزت فعلاً في حقهم. لا يجب أن تتوقع أن اعتذاراً، حتى لو كان حسن الصياغة وصادقاً، قادرٌ على أن يمحو تماماً أي أخطاء اقترفتها في المقام الأول. بدلاً من ذلك، تعهّد بأن تكون أنضج وأنك ستتجنب ارتكاب نفس الخطأ مجدداً.
وحبذا إن كنت تستطيع فعلاً أن تظهر أن سلوكك يتغير، فمن المرجح آنذاك أن يسترد الطرف الآخر مرة أخرى احترامه الذي كان يكنه لك. بعبارة أخرى، لا يجب أن يكون اعتذارك صادقاً وحسب، بل يجب أن يستمر هذا الصدق في حياتك بينما تمضي إلى